إنعكاس الأزمة الكورية على الأمن والسلم في الشرق الأقصى.

في عام 1910م، قامت اليابان بضم شبه الجزيرة الكورية، ولانهيار (الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1945م، استقلت كوريا من الحكم الاستدماري الياباني)⁽¹⁾، وفي اثناء نظام (الحرب الباردة 1947م- 1991م) بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحتى بعد تأسيس حكومة كوريا الجنوبية من شبه الجزيرة الكورية ظلت المجابهة الحادة قائمة بين الجناحين اليساري واليميني داخل المجتمع الكوري الجنوبي، وبدأت الحرب الكورية نتيجة للأوضاع غير المستقرة فيها، وتماشياً مع استراتيجية

(جوزيف ستالين)^* لنشر الايديولوجية الشيوعية في العالم وعد زعيم الحزب الشيوعي الصيني (ماو تسي تونغ)^* آنذاك بتقديم دعم للحرب، لجعل شبه الجزيرة الكورية دولة شيوعية موحدة بالقوة العسكرية، واستمرت الحرب الأهلية في شبه الجزيرة الكورية، حتى قسمتها قوى الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الثانية إلى منطقتين، منطقة الشمالية تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي، والصين، والمنطقة الجنوبية تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية،

وفي عام 1948م، أُقيمت الدولتين المنفصلتين جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية)، وجمهورية كوريا (كوريا الجنوبية)، ولتحقيق طموحات الزعيم الكوري الشمالي الأسبق (كيم إيل سونغ) بتوحيد الكوريتين، في يونيو عام 1950م، هاجمت كوريا الشمالية بدعم من الصين، والاتحاد السوفيتي السابق كوريا الجنوبية مما أدى إلى حرب أهلية أخرى دامت ثلاث سنوات وفقد فيها ملايين الأشخاص حياتهم، ووصلت الحرب إلى أبعاد دولية.

وانتهى النزاع بين الكوريتين عام 1953م، بهدنة، (بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية، والأمم المتحدة إلى جانب كوريا الجنوبية، فاستمرت كوريا مقسمة إلى دولتين، (كوريا الشمالية) دولة شيوعية معزولة ذات برنامج نووي مثير للجدل، و(كوريا الجنوبية) دولة ديمقراطية مزدهرة ذات اقتصاد قوي)^.

(بتاريخ 26/06/2024م، هددت كوريا الشمالية العالم بتجارب صاروخية غير مسبوقة ومناورات نووية تختبر فيها صبر جارتها الجنوبية والعالم، وهذا التهديد ليس جديداً، لكنه يتزامن مع نضوج البرنامجين النووي والصاروخي لبيونغ يانغ)، وهذا يؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة، وترى العديد من الدول أن هذه الأزمة ستؤدي إلى اندلاع حرب في المنطقة، وهذا الخطر له عواقب وخيمة على الأمن والسلم في العالم، مثل:

1- التأثير على الاقتصاد العالمي: منطقة الشرق الأقصى تُعتبر من أهم المناطق الاقتصادية في العالم، واستمرار الأزمة الكورية تُؤدي إلى حالة من عدم اليقين والمخاطر في الأسواق المالية العالمية، فينتج عنه تقلبات كبيرة في أسعار الأسهم والعملات، فيتراجع المستثمرين عن الاستثمار في المنطقة، وهذا يُؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي العالمي.

2- التأثير على العلاقات الدولية: استمرار الأزمة الكورية تؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة شرق آسيا، والانعكاس سلباً على العلاقات بين الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وهذا يُؤدي إلى مخاطر أمنية أكبر، وصراعات إقليمية، وزيادة النشاط العسكري في المنطقة.

3- التأثير على حقوق الإنسان: تعاني كوريا الشمالية من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، في ظل حكم (كيم جونغ أون 2012م إلى الآن)، تعد كوريا الشمالية من بين الدول الأكثر قمعاً في العالم، فتقوم بتقييد جميع الحريات الأساسية بشكل حاد، بما في ذلك حرية التعبير، والدين، والضمير، والتجمع، وتكوين الجمعيات، (ويحظر القانون المعارضة السياسية أو وسائل الإعلام المستقلة أو المجتمع المدني أو النقابات العمالية)^.

وقد جدت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة عام 2014م أن الحكومة ارتكبت انتهاكات حقوقية جسيمة ومنهجية وواسعة النطاق، بما في ذلك الإبادة والقتل والاستعباد والتعذيب والسجن والاغتصاب والإجهاض القسري وغيره من أعمال العنف الجنسي، وتدير كوريا الشمالية معسكرات اعتقال سرية حيث يتم إرسال المعارضين للحكومة لمواجهة التعذيب وحصص التجويع والعمل القسري، ويستخدم الخوف من العقاب الجماعي لإسكات المعارضة.

الباحث عماد محمد الكرد.
يشغل منصب نائب القائم بالأعمال في سفارة فلسطين لدى ليبيا، وهو باحث في مرحلة الدكتوراه بالأكاديمية الليبية / قسم الدراسات الإقليمية والدولية.

رابط صفحته على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/imad.alkurd.1?mibextid=ZbWKwL

1) كوريا نت، انهيار جوسون واحتلال الامبراطورية اليابانية لكوريا، زيارة: 26/06/2024م، الساعة:12:30،

* جوزيف ستالين : رئيس الاتحاد السوفيتي السابق من عام 1924م إلى 1953م.

* ماو تسي تونغ : رئيس جمهورية الصين الشعبية، ورئيس الحزب الشيوعي الصيني منذ عام 1954م إلى 1976م، وحتى وفاته.