تترجل قامات كبيرة من منتسبي الجيش الليبي الذين بلغوا السن القانونية للتقاعد عن صهوة العمل الرسمي العمل الإداري والميداني في الجيش الليبي بعد إعادة العمل بنظام التقاعد وإجراء تعديلات قانونية تضمن حقوق العسكريين المتقاعدين
وتضمن لهم العيش الكريم , كفاءات فنية وخبرات عالية أسهمت بفضل الله في بناء الجيش الليبي على مدار أكثر من خمسون عاماً , وإنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نتقدم لهم بالتحية والتقدير فهم كانوا ولا يزالوا عماد الوطن وسياجه المنيع حملوا الأمانة بصدق، وصانوا العهد بإخلاص، وجعلوا من شرف الخدمة العسكرية نهجًا ومسارًا ومسؤولية لا يضاهيها شرف.
قدمت أيها الرجال والنساء من منتسبي جيشنا العتيد تضحيات لا تُقدّر بثمن من أجل أمن واستقرار وطننا الغالي لقد كانوا درعًا حصينًا، سواعد تبني ، وقلبًا نابضًا بالوفاء والإخلاص واليوم، ونحن نودعهم في مرحلة التقاعد، لا نودع فقط أفرادًا تركوا مواقعهم، بل نكرم تاريخًا حافلاً بالعطاء والبطولة، ونشكرهم على كل لحظة قضوها في خدمة الوطن والجيش.
ونقول لهم بأن التقاعد ليس نهاية المشوار للعسكري ، بل هو بداية فصل جديد من الاحترام والتقدير لمن أهدوا قصراً من الزمن في الدفاع عن الوطن، ويستحق هؤلاء الأبطال كلمات الشكر والعرفان التي لا توفي حقهم، بل تحمل نبراساً يضيء دروب الأجيال القادمة.
إن الكلمات مهما علت لا تفيكم حقكم، ولا تستطيع أن تختزل سنوات خدمتكم الطويلة المفعمة بالجد والولاء والانضباط , لقد كنتم في كل موقع من مواقع الشرف نموذجًا للالتزام العسكري، وقدوة في التضحية والبذل، وركنًا أصيلاً في بناء قوة هذا الجيش وتقدمه , واجهتم التحديات بثبات، وحملتم الوطن في قلوبكم، وأديتم واجبكم دون تردد، محتسبين الأجر عند الله، حريصين على أمن وطنكم وكرامة شعبه.
أيها الرجال الكرام.
إنَّ حياة الإنسان ما هي إلا مراحل، وعُمره فيها منازل، وإن مما قررته المدنية الحديثة، والنظام العالمي المعاصر؛ تلك النُظُم الوظيفية، والقواعد التنظيمية للأعمال والوظائف لتنظيم الأعمال وتعاقب الأجيال في تولي المسئولية والأمانة ، والإنسان يتقلب في مراحل حياته بين الأعمال ودرجاتها، والوظائف وترقياتها، حتى يبلغ درجة التقاعد؛ وتلك قضية آنِيَّةٌ مهمة لفئة عزيزة غالية قدمت زهرة شبابها، ولُبَاب أعمارها في خدمة دينها ووطنها ومجتمعها.
أيها المترجلون الأفاضل : إنَّ أعماركم رؤوس أموالكم، ورصيدكم الذي ينفعكم في الدنيا والآخرة، فاغتنموها بالأعمال الصالحة قبل فواتها، وكما أن الإنسان مسؤولٌ عن عمره، فهو أيضًا مسؤول عن علْمه وخبرته، فينقل خبْرته للأجيال اللاحقة، ولا يبخل عليهم بالرأي والمشورة، والتوجيه والنصيحة، كونوا المرآة العاكسة لجمال الأمانة ومبادئها العظام، وتلك هي التي تحقق الطّموحات ذات العزيمة، في المجتمعات المتراصة الكريمة.
فالمتقاعدون هم فرسان الميادين وإن ترجلوا عنها، وهذه سنة الحياة الوظيفية ليتاح المجال الوظيفي للشباب الصاعد، وهكذا تمضي الحياة بِنَا في تقلباتها وتنقلاتها، وصدق رب العالمين ﴿وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾.
أيها المتقاعدون قد زادت مسؤولياتكم بعد أن كان النطاق الرسمي يُحددها في مجال اختصاصكم وعملكم فقط، أما اليوم فأمامكم الفرص والدنيا بأسرها، والأعمال كلها، والميادين جميعها، فمسؤوليتكم ليست عن أُسَركم أو حيِّكم أو مدينتكم فقط، بل أنتم مسؤولون بالجملة بالتوجيه والنصح والإرشاد والتوعية, على اللاحقين أن ينهلوا من خبرة السابقين، وأن يبذل السابقين لللاحقين التوجيه والنُّصح والإرشاد.
إنه بداية حياة جديدة لكم يا أهل الخبرة في مجالاتٍ أخرى للإفادة والاستفادة، والتقاعد أصبح من "سُنن الحياة المدنية" بحيث يعقب كل جيل جيلًا قبله لتتم سُنة الاستخلاف وعمارة هذه الأرض، وأما التصنيف الوظيفي (متقاعد احتياط ، عامل) فليس نهاية المطاف، وليس حكما على الإنسان بالموت الزعاف، وليس منعًا للمتقاعدين من مزيد العطاء في خدمة دينهم ووطنهم ومجتمعهم في ميادين أخرى.
أيها المتقاعدون: تحدثوا عن تجاربكم وأعمالكم في الحياة ليستفيد الناس، وكونوا قدوة لأبنائكم وأحفادكم وأخوتكم واستمروا في الأعمال الإنسانية المفيدة للجميع ، وضعوا خطة استراتيجية لحياتكم تشمل مختلف المجالات التي تعود عليكم وعلى مجتمعكم بالنفع والفائدة.
نحث وزارة الدفاع ورئاسة الأركان والإدارات والهيئات والوحدات المستقلة إلى ضرورة تنظيم حفلات تكريم رسمية تليق بالسادة والسيدات المتقاعدين وهذا من أقل حقوقهم المعنوية علينا جميعاً فوطنهم يبادلهم الوفاء بالوفاء، والتقدير بالتقدير , كما نأمل أن تسهل إجراءات حصولهم على مكافاتهم وأن يعاملوا المعاملة اللائقة بهم وفقا لما تنص عليه القوانين واللوائح وأن تسلم لهم شهادات شكر وتقدير ودروع تذكارية، احتفاءً بهم وتقديراً وشكراً على ما قدَّموه وبذلوه من سنوات طويلة في الخدمة والبذل والعطاء.
باسمي وباسم مجلة المسلح وباسم كل جندي وضابط في الجيش الليبي، نتقدم إليكم بوافر الشكر وعظيم الامتنان على ما قدمتموه من إخلاص وتضحية سائلين الله سبحانه وتعالى أن يزيد بلادنا أمناً وإيمانا، وسلاماً واستقراراً، ويجعلها سخاء رخاءً، ويحفظ عليها وأمنها ورخاءها، وأن يدفع عنا الشرور والفتن وسائر بلاد المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



العربية
English 
