تتخذ رومانيا خطوة هامة نحو تعزيز قدرات سلاحها الجوي، حيث أفادت تقارير من موقع "ديفينس رومانيا" الروماني بأن هولندا منخرطة في مفاوضات سرية لنقل أسطول من طائرات إف-16 المقاتلة إلى الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية بشكل دائم بحلول نهاية العام
هذا التطور، في حال اكتماله، قد يشهد تضخم سلاح الجو الروماني إلى ما يقرب من 70 طائرة إف-16، وهي قفزة ملحوظة لبلدٍ طوّر جيشه بشكل مطرد على مدار العقد الماضي. لا تعزز هذه الخطوة دور رومانيا كحليف رئيسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) على طول الجناح الشرقي للحلف فحسب، بل تضعها أيضًا كمركز حيوي لتدريب الطيارين الأوكرانيين في ظل التوترات الإقليمية المستمرة.
وفقًا لوزارة الدفاع الرومانية، تشمل عملية النقل ما لا يقل عن 18 طائرة هولندية من طراز F-16، تشارك حاليًا في برنامج تدريبي في القاعدة الجوية الرومانية رقم 86 في بورسيا، مع إمكانية إضافة طائرات أخرى لاحقًا. يُبرز هذا الخبر تحولًا أوسع نطاقًا في ديناميكيات الدفاع الأوروبية، تمتد آثاره إلى ما هو أبعد من حدود رومانيا.
لطالما كانت طائرة F-16 Fighting Falcon، وهي مقاتلة أحادية المحرك ومتعددة المهام، طورتها شركة جنرال ديناميكس (المعروفة الآن باسم لوكهيد مارتن) في سبعينيات القرن الماضي، حجر الزاوية في عديد القوات الجوية حول العالم.
ويضم الأسطول الروماني الحالي طائرات تم شراؤها من البرتغال - لا سيما طراز Block 15، وهو طراز مبكر من ثمانينيات القرن الماضي - بالإضافة إلى طائرات Block 70 المتطورة التي تم شراؤها مؤخرًا من النرويج، والمتوقع وصولها في وقت لاحق من هذا العام. من المرجح أن تكون طائرات إف-16 الهولندية المعنية من طراز بلوك 20، وهي إصدارات منتصف العمر (MLU)، التي خضعت لترقيات كبيرة في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين لتحسين إلكترونيات الطيران وأنظمة الرادار وتوافق الأسلحة.
تظل طائرة إف-16 منصة متعددة الاستخدامات وفعالة حيث تبلغ سرعتها القصوى ماخ 2، ونصف قطر قتالي يتجاوز 340 ميلاً، وتتمتع بقدرتها على حمل مجموعة واسعة من الذخائر - بما في ذلك صواريخ جو- جو من طراز AIM-120 AMRAAM وقنابل دقيقة التوجيه .
بدأت رحلة رومانيا مع طائرات إف-16 بجدية عام 2013، عندما وقّعت صفقة مع البرتغال لشراء 12 طائرة مستعملة من طراز بلوك 15، في خطوة تهدف إلى استبدال أسطولها من طائرات ميج-21 القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وصلت أولى هذه الطائرات عام 2016، مُمثّلةً تحولاً رمزياً من مخلفات الحرب الباردة إلى معدات قياسية لحلف شمال الأطلسي.
منذ ذلك الحين، ضاعفت رومانيا جهودها في التحديث، وحصلت على 32 طائرة إضافية من طراز بلوك 70 إف-16 من النرويج في صفقة وافقت عليها وزارة الخارجية الأمريكية عام 2022. تُمثل هذه الطائرات الأحدث، المجهزة برادار AESA متطور وأنظمة حرب إلكترونية مُحسّنة، ذروة تطور طائرة إف-16.
ستدفع الإضافة المُحتملة للطائرات الهولندية إجمالي أسطول رومانيا إلى ما يقارب ثلاثة أسراب كاملة، وهي قوة وصفها الجنرال (المتقاعد) فيكتور ستريمبينو، ضابط أركان سابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وقائد القاعدة الجوية 86، بأنها "قدرة كبيرة" في تقرير للصحفي الروماني أديلين بيتريسور لصالح وزارة الدفاع الرومانية. يُسلط تقييم ستريمبينو الضوء على الإمكانات التحويلية لهذا الأسطول، ليس فقط لدفاع رومانيا، ولكن أيضًا لمكانتها في المنطقة.
ما يُميز هذه الاضافة إلى جانب تعزيز سلاح الجو الروماني، ارتباط طائرات إف-16 الهولندية بمبادرة تدريب أُطلقت عام 2023 في بورسيا، والمعروفة باسم المركز الأوروبي لتدريب طائرات إف-16 [EFTC].
أُنشئ المركز بمساهمات من هولندا وشركة لوكهيد مارتن ورومانيا، وكان بمثابة شريان حياة للطيارين الأوكرانيين الذين يتعلمون تشغيل طائرات إف-16 كجزء من جهود بلادهم لمواجهة التفوق الجوي الروسي في الحرب الدائرة. وقد سلمت هولندا بالفعل عدة طائرات إف-16 إلى المركز، مع وصول ثلاث طائرات أخرى في مارس، وفقًا لما أوردته شركة جلوبال ديفينس.
تاريخيًا، أثبتت طائرات F-16 قدرتها على التكيف عبر الأجيال وقد تحتاج رومانيا إلى أن تحذو حذودولاً أخرى للحفاظ على هذه القدرة المُوسعة.
مقارنةً بالمقاتلات الروسية الحديثة التي يُقدر عددها بأكثر من 300 طائرة، تُعتبر قوة رومانيا متواضعة، لكن موقعها الاستراتيجي يُعزز تأثيرها. ويمكن للولايات المتحدة، التي تحتفظ بوجود دوري في قاعدة ميخائيل كوغالنيشينو الجوية الرومانية، أن تُعزز هذا الجهد بطائراتها إف-16 أو إف-35، مما يُنشئ شبكة دفاعية متعددة الطبقات.
ومع ذلك، فإن تحديات الحفاظ على هذا الأسطول لا تزال كبيرة. يشير تحذير الجنرال ستريمبيانو بشأن الصيانة، والذي تردد صداه في مجلة "دفاع رومانيا"، إلى مشكلة مزمنة تواجه الدول الأعضاء متوسطة الحجم في حلف الناتو: التمويل ونقل هذه الطائرات إلى رومانيا يقلل من تكاليف الصيانة، ويُعزز في الوقت نفسه شراكتها مع حلف الناتو.
تعهدت هولندا بتقديم 24 طائرة إف-16 لأوكرانيا في عام 2023، ولا تزال عمليات التسليم جارية، كما ذكرت رويترز في فبراير. قد يعكس تحويل 18 طائرة أو أكثر إلى رومانيا إعادة تقييم استراتيجي، تُعطي الأولوية لحليف مستقر على منطقة حرب تُواجه فيها الطائرات خطرًا مُباشرًا.
العربية 
English 
